الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع
.بَابُ الْمُوصَى إلَيْهِ: وَهُوَ الْمَأْمُورُ بِالتَّصَرُّفِ بَعْدَ الْمَوْتِ (الدُّخُولُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقَوِيِّ عَلَيْهَا قُرْبَةً) مَنْدُوبَةً لِفِعْلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَرُوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ (أَنَّهُ لَمَّا عَبَرَ الْفُرَاتَ أَوْصَى إلَى عُمَرَ) وَأَوْصَى إلَى الزُّبَيْرِ سِتَّةً مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عُثْمَانُ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلِأَنَّهُ مَعُونَةٌ لِلْمُسْلِمِ فَيَدْخُلُ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى:{إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} وَقَوْلِهِ:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} وَقَوْلُهُ:«أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ وَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ وَاَلَّتِي تَلِيهَا» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ (، وَ) قَالَ فِي الْمُغْنِي قِيَاسُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ أَنَّ (تَرْكَهُ) أَيْ: تَرْكَ الدُّخُولِ فِي الْوَصِيَّةِ (أَوْلَى) لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ وَهُوَ لَا يَعْدِلُ بِالسَّلَامَةِ شَيْئًا انْتَهَى (فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ) إذْ الْغَالِبُ فِيهَا الْعَطَبُ وَقِلَّةُ السَّلَامَةِ لَكِنْ رَدَّ الْحَارِثِيُّ ذَلِكَ وَقَالَ: لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إمَّا وَاجِبَةٌ أَوْ مُسْتَحَبَّةٌ، وَأَوْلَوِيَّةُ تَرْكِ الدُّخُولِ يُؤَدِّي إلَى تَعْطِيلِهَا قَالَ فَالدُّخُولُ قَدْ يَتَعَيَّنُ فِيمَا هُوَ مُعَرَّضٌ لِلضَّيَاعِ إمَّا لِعَدَمِ قَاضٍ أَوْ غَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ دَرْءِ الْمَفْسَدَةِ وَجَلْبِ الْمَصْلَحَةِ.(وَتَصِحُّ وَصِيَّةُ الْمُسْلِمِ إلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَلِيَ مُسْلِمًا (مُكَلَّفٍ) فَلَا تَصِحُّ إلَى طِفْلٍ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا أَبْلَهَ، لِأَنَّهُمَا لَا يَتَأَهَّلُونَ إلَى تَصَرُّفٍ أَوْ وِلَايَةِ (رَشِيدٍ) فَلَا تَصِحُّ إلَى سَفِيهٍ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ (عَدْلٍ وَلَوْ مَسْتُورًا أَوْ أَعْمَى أَوْ امْرَأَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ عَدُوَّ الطِّفْلِ الْمُوصَى عَلَيْهِ) لِأَنَّهُمْ أَهْلٌ لِلِائْتِمَانِ (وَ) كَذَا لَوْ كَانَ (عَاجِزًا) لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلِائْتِمَانِ.(وَيُضَمُّ إلَيْهِ) أَيْ: الضَّعِيفِ (قَوِيٌّ أَمِينٌ مُعَاوِنٌ وَلَا تُزَالُ يَدُهُ عَنْ الْمَالِ وَلَا) يُزَالُ (نَظَرُهُ) عَنْهُ، لِأَنَّ الضَّعِيفَ أَهْلٌ لِلْوِلَايَةِ وَالْأَمَانَةِ (وَهَكَذَا إنْ كَانَ) حَالُ الْوِصَايَةِ (قَوِيًّا فَحَدَث فِيهِ) بَعْدَهَا (ضَعْفٌ) أَوْ عِلَّةٌ ضَمَّ إلَيْهِ الْحَاكِمُ يَدًا أُخْرَى.(وَ) يَكُونُ (الْأَوَّلُ هُوَ الْوَصِيُّ دُونَ الثَّانِي) فَإِنَّهُ مُعَاوِنٌ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْحَاكِمِ إنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ عَدَمِ الْوَصِيِّ قَالَ فِي الْإِرْشَادِ: وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَجْعَلَ مَعَهُ أَمِينًا يَحْتَاطُ عَلَى الْمَالِ إذَا كَانَ مُتَّهَمًا أَوْ عَاجِزًا وَلَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ (وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (إلَى رَقِيقِهِ) أَيْ: الْمُوصِي (الْمُوصِيَ وَ) إلَى (رَقِيقِ غَيْرِهِ) بِأَنْ يُوصِي رَقِيقَهُ أَوْ رَقِيقَ زَيْدٍ عَلَى أَوْلَادِهِ وَنَحْوَهُ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلرِّعَايَةِ عَلَى الْمَالِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «: وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ» وَالرِّعَايَةُ وِلَايَةٌ فَوَجَبَ ثُبُوتُ الصِّحَّةِ وَلِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْعَدَالَةِ وَالِاسْتِنَابَةِ فِي الْحَيَاةِ فَتَأَهَّلَ لِلْإِسْنَادِ إلَيْهِ وَأَمَّا إنَّهُ لَا يَلِيَ عَلَى ابْنِهِ فَلَا أَثَرَ لَهُ بِدَلِيلِ الْمَرْأَةِ، وَكَوْنِ عَبْدِ الْغَيْرِ يَتَوَقَّفُ تَصَرُّفُهُ عَلَى إذْنِ سَيِّدِهِ لَا أَثَرَ لَهُ أَيْضًا بِدَلِيلِ تَوَقُّفِ التَّنْفِيذِ لِلْقَدْرِ الْمُجَاوِزِ لِلثُّلُثِ عَلَى إذْنِ الْوَارِثِ (وَلَا يَقْبَلُ) عَبْدُ الْغَيْرِ الْوَصِيَّةَ أَيْ: لَا يَتَصَرَّفُ (إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ فِيهَا (وَيُعْتَبَرُ وُجُودُ هَذِهِ الصِّفَاتِ) أَيْ: الْإِسْلَامِ وَالتَّكْلِيفِ وَالرُّشْدِ وَالْعَدَالَةِ (عِنْدَ الْوَصِيَّةِ إلَيْهِ) لِأَنَّهَا شُرُوطٌ لِصِحَّتِهَا فَاعْتُبِرَ وُجُودُهَا حَالَهَا.(وَ) يُعْتَبَرُ وُجُودُ هَذِهِ الصِّفَاتِ (عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي) لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي يَمْلِكُ الْمُوصَى إلَيْهِ التَّصَرُّفَ فِيهِ بِالْإِيصَاءِ (فَإِنْ تَغَيَّرَتْ) هَذِهِ الصِّفَاتُ (بَعْدَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ عَادَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ عَادَ) الْمُوصَى إلَيْهِ (إلَى عَمَلِهِ) لِعَدَمِ الْمَانِعِ.(وَإِنْ زَالَتْ) هَذِهِ الصِّفَاتُ (بَعْدَ الْمَوْتِ) انْعَزَلَ لِوُجُودِ الْمُنَافِي (أَوْ) زَالَتْ (بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَلَمْ تَعُدْ قَبْلَ الْمَوْتِ انْعَزَلَ) مِنْ الْوَصِيَّةِ (وَلَمْ تَعُدْ وَصِيَّتُهُ) لَوْ عَادَتْ الصِّفَاتُ بَعْدُ (إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ) إنْ أَمْكَنَ بِأَنْ قَالَ الْمُوصِي مَثَلًا: إنْ انْعَزَلْتَ لِفَقْدِ صِفَةٍ ثُمَّ عُدْتَ إلَيْهَا فَأَنْتَ وَصِيِّي.وَقَالَ فِي الْمُنْتَهَى: وَمَنْ عَادَ إلَى حَالِهِ مِنْ عَدَالَةٍ وَغَيْرِهَا عَادَ إلَى عَمَلِهِ (وَيَنْعَقِدُ الْإِيصَاءُ بِقَوْلِ الْمُوصِي: فَوَّضْتُ) إلَيْكِ كَذَا (أَوْ وَصَّيْت إلَيْكَ) بِكَذَا (أَوْ) وَصَّيْتُ (إلَى زَيْدٍ بِكَذَا أَوْ أَنْتَ) وَصِيِّي (أَوْ هُوَ) أَيْ: زَيْدٌ وَصِيِّي فِي كَذَا (أَوْ جَعَلْتَهُ) أَيْ: زَيْدًا وَصِيِّي (أَوْ جَعَلْتُكَ وَصِيِّي) عَلَى كَذَا (وَلَا تَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (إلَى فَاسِقٍ وَلَا) إلَى (صَبِيٍّ وَلَوْ مُرَاهِقًا وَلَا إلَى مَجْنُونٍ) لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ وَالْأَمَانَةِ وَتَقَدَّمَ (وَلَا إلَى كَافِرٍ مِنْ مُسْلِمٍ وَلَا إلَى سَفِيهٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا نَظَرَ لِحَاكِمٍ مَعَ وَصِيٍّ خَاصٍّ إذَا كَانَ) الْوَصِيُّ (كُفْئًا فِي ذَلِكَ) التَّصَرُّفِ الَّذِي أُسْنِدَ إلَيْهِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةُ تَقْطَعُ نَظَرَ الْحَاكِمِ لَكِنْ لَهُ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ إنْ فَعَلَ مَا لَا يُسَوَّغُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي نَاظِرِ الْوَقْفِ.(وَتَصِحُّ وَصِيَّةُ الْمُنْتَظَرِ) أَيْ: الَّذِي تُنْتَظَرُ أَهْلِيَّتُهُ (بِأَنْ يَجْعَلَهُ وَصِيًّا بَعْدَ بُلُوغِهِ أَوْ بَعْدَ حُضُورِهِ مِنْ غَيْبَتِهِ وَنَحْوِهَا) نَحْوَ أَنْ يَقُولَ: هُوَ وَصِيِّي إذَا أَفَاقَ مِنْ جُنُونِهِ أَوْ زَالَ فِسْقُهُ أَوْ سَفَهُهُ أَوْ أَسْلَمَ وَنَحْوُهُ.(وَ) كَذَا إنْ قَالَ وَصَّيْتُ إلَى فُلَانٍ فَ (إنْ مَاتَ فُلَانٌ فَفُلَانٌ وَصِيِّي أَوْ) قَالَ (هُوَ وَصِيِّي سَنَةً ثُمَّ فُلَانٌ بَعْدَهَا) أَيْ: السَّنَةِ (فَإِذَا قَالَ أَوْصَيْتُ إلَيْكِ فَإِذَا بَلَغَ ابْنِي فَهُوَ وَصِيِّي صَحَّ) ذَلِكَ (فَإِذَا بَلَغَ ابْنُهُ صَارَ وَصِيَّهُ وَمِثْلَهُ) فِي الصِّحَّةِ إذَا قَالَ (أَوْصَيْتُ إلَيْكَ فَإِذَا تَابَ ابْنِي مِنْ فِسْقِهِ أَوْ صَحَّ مِنْ مَرَضهِ أَوْ اشْتَغَلَ بِالْعِلْمِ أَوْ صَالَحَ أُمَّهُ أَوْ رُشْدَهُ فَهُوَ وَصِيِّي صَحَّتْ) الْوَصِيَّةُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا.(وَيَصِيرُ) الْمَذْكُورُ (وَصِيًّا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَمِيرُكُمْ زَيْدٌ فَإِنْ قُتِلَ فَجَعْفَرٌ فَإِنْ قُتِلَ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ» وَالْوَصِيَّةُ كَالتَّأْمِيرِ وَإِنْ قَالَ الْإِمَامُ الْخَلِيفَةُ بَعْدِي فُلَانٌ فَإِنْ مَاتَ فِي حَيَاتِي أَوْ تَغَيَّرَ حَالُهُ فَفُلَانٌ صَحَّ وَكَذَا فِي ثَالِثٍ وَرَابِع لَا لِلثَّانِي إنْ قَالَ فُلَانٌ وَلِيُّ عَهْدِي فَإِنْ وَلِيَ ثُمَّ مَاتَ فَفُلَانٌ بَعْدَهُ وَإِنْ عَلَّقَ وَلِيُّ أَمْرٍ وِلَايَةَ حُكْمٍ أَوْ وَظِيفَةٍ بِشَرْطِ شُغُورِهَا أَوْ غَيْرِهِ فَلَمْ يُوجَدْ حَتَّى قَامَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ صَارَ الِاخْتِيَارُ لَهُ.(وَإِذَا أَوْصَى إلَى وَاحِدٍ، وَ) أُوصِيَ (بَعْدَهُ إلَى آخَرَ، فَهُمَا وَصِيَّانِ) وَلَمْ يَكُنْ عَزْلًا لِلْأَوَّلِ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مُطَابَقَةً وَلَا تَضَمُّنًا، وَلَا يَسْتَلْزِمُهُ فَإِنَّ الْجَمْعَ مُمْكِنٌ (كَمَا لَوْ أَوْصَى إلَيْهِمَا جَمِيعًا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ إلَّا أَنْ يَقُولَ قَدْ أَخْرَجْتُ الْأَوَّلَ) فَإِنْ قَالَهُ أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ، انْعَزَلَ لِحُصُولِ الْعَزْلِ مِمَّنْ يَمْلِكهُ.(وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ: الْوَصِيَّيْنِ (الِانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ) لِأَنَّ الْمُوصِي لَمْ يَرْضَ إلَّا بِتَصَرُّفِهِمَا، وَانْفِرَادِ أَحَدِهِمَا يُخَالِفُ ذَلِكَ (إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ) أَيْ: التَّصَرُّفَ (الْمُوصِي لِكُلٍّ مِنْهُمَا) فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْفِرَادُ حِينَئِذٍ، لِرِضَا الْمُوصِي بِذَلِكَ (أَوْ يَجْعَلَهُ) أَيْ: التَّصَرُّفَ (لِأَحَدِهِمَا) وَالْيَدَ لِلْآخَرِ (فَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ مُنْفَرِدًا) عَمَلًا بِالْوَصِيَّةِ.(وَإِذَا تَصَرَّفَا) أَيْ: أَرَادَا التَّصَرُّفَ (فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ) بِاجْتِمَاعِهِمَا لَيْسَ مَعْنَاهُ تَلَفُّظَهُمَا بِصِيَغِ الْعُقُودِ مَعًا بَلْ (صُدُورَهُ) أَيْ: التَّصَرُّفِ (عَنْ رَأْيِهِمَا) وَاجْتِهَادِهِمَا (ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُبَاشِرَ أَحَدُهُمَا) التَّصَرُّفَ وَحْدَهُ (أَوْ) يُبَاشِرَهُ (الْغَيْرُ بِإِذْنِهِمَا وَلَا يُشْتَرَطُ تَوْكِيلِهِمَا) أَيْ: أَنْ يُوَكِّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ وُقِفَ الْأَمْرُ، حَتَّى يَتَّفِقَا.(وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ جُنَّ، أَوْ غَابَ، أَوْ وُجِدَ مِنْهُ مَا يُوجِبُ عَزْلَهُ) كَسَفَهٍ وَعَزْلِهِ نَفْسَهُ (وَلَمْ يَكُنْ الْمُوصِي جَعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْفِرَادَ بِالتَّصَرُّفِ أَقَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ) أَيْ: الْمَيِّتِ أَوْ الْمَجْنُونِ وَنَحْوِهِ (أَمِينًا) لِيَتَصَرَّفَ مَعَ الْآخَرَ (وَإِنْ أَرَادَ الْحَاكِمُ أَنْ يَكْتَفِيَ بِالْبَاقِي مِنْهُمَا، لَمْ يَجُزْ لَهُ) الِاكْتِفَاءُ بِهِ، لِأَنَّ الْمُوصِي لَمْ يَكْتَفِ بِأَحَدِهِمَا، فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ إذْ الْوَصِيَّةُ تَقْطَعُ نَظَرَ الْحَاكِمِ وَاجْتِهَادِهِ.(فَإِنْ جَعَلَ الْمُوصِي لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْفِرَادَ بِالتَّصَرُّفِ، أَوْ جَعَلَهُ) أَيْ: التَّصَرُّفَ (لِأَحَدِهِمَا صَحَّ تَصَرُّفُهُ مُنْفَرِدًا) وَتَقَدَّمَ (فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ) لَمْ يَكُنْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُقِيمَ مَقَامَهُ (أَوْ خَرَجَ) أَحَدُهُمَا (عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ) وَالْحَالَةُ هَذِهِ (لَمْ يَكُنْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُقِيمَ مَقَامَهُ، وَاكْتَفَى بِالْبَاقِي) مِنْهُمَا لِرِضَا الْمُوصِي بِهِ (إلَّا أَنْ يَعْجِزَ) الْبَاقِي (عَنْ التَّصَرُّفِ وَحْدِهِ) فَيَضُمُّ الْحَاكِمُ إلَيْهِ أَمِينًا يُعَاوِنُهُ (وَلَوْ حَدَثَ) لِأَحَدِهِمَا (عَجْزٌ لِضَعْفٍ أَوْ كَثْرَةِ عَمَلٍ وَنَحْوِهِ وَلَمْ يَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّصَرُّفُ مُنْفَرِدًا، ضُمَّ أَمِينٌ) أَيْ: ضَمَّ الْحَاكِمُ أَمِينًا لِمَنْ عَجَزَ يُعَاوِنُهُ وَالْوَصِيُّ هُوَ الْأَوَّلُ كَمَا تَقَدَّمَ.(وَإِذَا اخْتَلَفَ الْوَصِيَّانِ) وَلَيْسَا مُسْتَقِلَّيْنِ (عِنْدَ مَنْ يَجْعَلُ الْمَالَ مِنْهُمَا) بِأَنْ طَلَبَ كُلٌّ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ تَحْتَ يَدِهِ أَوْ تَحْتَ يَدِ الْآخَرِ (لَمْ يُجْعَلْ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) لِعَدَمِ رِضَا الْمُوصِي بِذَلِكَ.(وَلَمْ يُقَسَّمْ) الْمَالُ (بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ مِنْ لَوَازِمِ الشَّرِكَةِ فِي التَّصَرُّفِ الشَّرِكَةُ فِي الْحِفْظِ لِأَنَّهُ مِمَّا وُصِّيَ بِهِ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِبَعْضِ الْحِفْظِ، كَمَا لَا يَسْتَقِلُّ بِبَعْضِ التَّصَرُّفِ.(وَجُعِلَ) الْمَالُ (فِي مَكَان تَحْتَ أَيْدِيهِمَا) لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ نَحْوَ قُفْلٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ خَتَمَا عَلَيْهِ وَدُفِعَ إلَى أَمِينِ الْقَاضِي، وَإِنْ كَانَا مُسْتَقِلَّيْنِ احْتَمَلَ ذَلِكَ وَاحْتَمَلَ الْقِسْمَةَ ذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ.(وَإِنْ نَصَّبَ) الْمُوصِي وَصِيًّا (وَنَصَّبَ) الْمُوصَى (عَلَيْهِ نَاظِرًا؛ يَرْجِعُ الْوَصِيُّ إلَى رَأْيِهِ وَلَا يَتَصَرَّفُ) الْوَصِيُّ (إلَّا بِإِذْنِهِ) جَازَ قُلْتُ: فَإِنْ خَالَفَ لَمْ يُنَفَّذْ تَصَرُّفُهُ، لِأَنَّ الْمُوصِي لَمْ يَرْضَ بِرَأْيِهِ وَحْدَهُ.(وَإِنْ فَسَقَ الْوَصِيُّ انْعَزَلَ) لِوُجُودِ الْمُنَافِي، وَلَا يَعُودُ إلَى الْأَهْلِيَّةِ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْمُنْتَهَى وَكَذَا مَنْصُوبُ الْقَاضِي بِخِلَافِ الْأَبِ إذَا فَسَقَ تَعُودُ وِلَايَتُهُ الْأَهْلِيَّةُ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ عَنْ سَبَبِ الْأُبُوَّةِ، وَهُوَ ثَابِتٌ، وَوِلَايَةُ الْوَصِيِّ وَالْأَمِينِ عَنْ الْإِيصَاءِ وَتُوَلِّيهِ، وَقَدْ بَطَلَ فَلَا بُدَّ فِي الْعَوْدِ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ السَّبَبِ، ثُمَّ مَا تَصَرَّفَ بَعْدَ الْبُطْلَانِ مَرْدُودٌ، لِصُدُورِهِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ لَكِنْ رَدَّ الْوَدَائِعَ، وَالْغُصُوبَ، وَالْعَوَارِيَّ، وَقَضَاءَ الدُّيُونِ الَّتِي جِنْسُهَا فِي التَّرِكَةِ تَقَعُ مَوْقِعَهَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ: وُصُولُهَا إلَى أَهْلِهَا، وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ وَإِذَا أُعِيدَ وَكَانَ أَتْلَفَ مَالًا فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ بَرَاءَتُهُ بِالْقَبْضِ مِنْ نَفْسِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ ثَابِتٌ لِلْأَبِ وَقَدْ نَصَّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، إلَّا فِي النِّكَاحِ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ (وَأَقَامَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ) أَيْ: الْفَاسِقِ (أَمِينًا) لِيَتَصَرَّفَ.(وَيَصِحَّ قَبُولُ) الْوَصِيِّ (الْإِيصَاءَ إلَيْهِ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي) لِأَنَّهُ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ، فَصَحَّ قَبُولُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ كَالْوَكَالَةِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ، فَإِنَّهَا تَمْلِيكٌ فِي وَقْتٍ فَلَمْ يَصِحَّ الْقَبُولُ قَبْلَهُ.(وَ) يَصِحَّ الْقَبُولُ أَيْضًا (بَعْدَ مَوْتِهِ) لِأَنَّهَا نَوْعُ وَصِيَّةٍ، فَيَصِحُّ قَبُولُهَا إذَنْ كَوَصِيَّةِ الْمَالِ (فَمَتَى قُبِلَ صَارَ وَصِيًّا) قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَيَقُومُ فِعْلُ التَّصَرُّفِ مَقَامَ اللَّفْظِ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: هُوَ الْأَظْهَرُ (وَلَهُ) أَيْ: الْوَصِيِّ (عَزْلُ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْعَجْزِ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي وَبَعْدَ مَوْتِهِ، وَ) فِي (حُضُورِهِ وَغِيبَتِهِ) لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ بِالْإِذْنِ، كَالْوَكِيلِ.وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَحَنْبَلٌ: لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ إنْ وَجَدَ حَاكِمًا كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَقَطَعَ بِهِ الْحَارِثِيُّ لِأَنَّ الْعَزْلَ تَضْيِيعٌ لِلْأَمَانَةِ وَإِبْطَالٌ لِحَقِّ الْمُسْلِمِ، وَكَذَا إنْ تَعَذَّرَ تَنْفِيذُ الْحَاكِمِ لِلْمُوصَى بِهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ عِنْدَهُ أَوْ نَحْوِهِ، أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْحَاكِمَ يُسْنِدُ إلَى مَنْ لَيْسَ بِأَهْلٍ، أَوْ أَنَّ الْحَاكِمَ ظَالِمٌ ذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ.(وَلِلْمُوصِي عَزْلُهُ مَتَى شَاءَ) كَالْمُوَكِّلِ (وَلَيْسَ لِلْمُوصِي) عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (أَنْ يُوصِيَ) لِأَنَّهُ قَصَرَ تَوَلَّيْتَهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ التَّفْوِيضُ كَالْوَكِيلِ وَسَبَقَ فِي الْوَكَالَةِ: لَهُ أَنْ يُوَكَّلَ فِيمَا لَا يُبَاشِرُهُ مِثْلُهُ، أَوْ يَعْجِزُ عَنْهُ فَقَطْ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَالْأَمْرَاضُ الْمُعْتَادَةُ كَالرَّمَدِ وَالْحُمَّى تَلْحَقُ بِنَوْعِ مَا لَا يُبَاشِرُهُ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ كَالْفَالِجِ وَغَيْرِهِ يُلْتَحَقُ بِنَوْعِ مَا يُبَاشِرُهُ (إلَّا أَنْ يَجْعَلَ إلَيْهِ) الْمُوصِي (ذَلِكَ) أَيْ: أَنْ يُوصِيَ (نَحْوَ أَنْ يَقُولَ) الْمُوصِي لِلْوَصِيِّ (أَذِنْتُ لَك أَنْ تُوصِي إلَى مَنْ شِئْتَ، أَوْ) يَقُولَ (كُلُّ مَنْ أَوْصَيْتَ) أَنْتَ إلَيْهِ (فَقَدْ أَوْصَيْتُ أَنَا إلَيْهِ، أَوْ) يَقُولَ: كُلُّ مَنْ أَوْصَيْتَ أَنْتَ إلَيْهِ (فَهُوَ وَصِيِّي) فَلَهُ أَنْ يُوصِيَ لِأَنَّ الْمُوصِي رَضِيَ رَأْيَهُ، وَرَأْيَ مَنْ يَرَاهُ، وَلِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَأْذُونٌ فِيهِ فَكَانَ كَغَيْرِهِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ.(وَيَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ) الْمُوصِي أَوْ الْحَاكِمُ (لِلْوَصِيِّ جَعْلًا) مَعْلُومًا كَالْوَكَالَةِ.(وَمُقَاسَمَةُ الْوَصِيِّ لِلْمُوصَى لَهُ جَائِزَةٌ) أَيْ: نَافِذَةٌ (عَلَى الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُمْ) فَفِعْلُهُ كَفِعْلِهِمْ (وَمُقَاسَمَتُهُ) أَيْ: الْوَصِيِّ (لِلْوَرَثَةِ عَلَى الْمُوصَى لَهُ لَا تَجُوزُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ نَائِبًا عَنْهُ، كَتَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ..فصل: الْوَصِيَّةُ لَا تَصِحُّ إلَّا فِي تَصَرُّفٍ مَعْلُومٍ: وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَّا فِي تَصَرُّفٍ مَعْلُومٍ لِيَعْلَمَ الْوَصِيُّ مَا وُصِّيَ بِهِ إلَيْهِ، لِيَحْفَظَهُ وَيَتَصَرَّفَ فِيهِ (يَمْلِكُ الْمُوصِي فِعْلَهُ: كَقَضَاءِ الدَّيْنِ وَتَفْرِيقِ الْوَصِيَّةِ وَالنَّظَرِ فِي أَمْرِ غَيْرِ مُكَلَّفٍ) رَشِيدٍ مِنْ طِفْلٍ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ (وَرَدِّ الْوَدَائِعِ) إلَى أَهْلِهَا (وَاسْتِرْدَادِهَا) مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ (وَرَدِّ غَصْبٍ وَإِمَامٍ بِخِلَافِهِ، وَحَدِّ قَذْفٍ) لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَتَصَرَّفُ بِالْإِذْنِ، فَلَمْ يَجُزْ إلَّا فِي مَعْلُومٍ يَمْلِكُهُ الْمُوصِي كَالْوَكَالَةِ (فَهُوَ يَسْتَوْفِيهِ لِنَفْسِهِ) أَيْ: لِلْمُوصِي نَفْسِهِ (لَا لِلْمُوصَى إلَيْهِ) وَإِنَّمَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِمَا تَقَدَّمَ (لِأَنَّهُ) أَيْ: الْمُوصِي (يَمْلِكُ ذَلِكَ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَتَفْرِيقِ الْوَصِيَّةِ إلَى آخَرِهَا (فَمُلْكُهُ وَصِيَّةٌ) لِقِيَامِهِ مَقَامِهِ.(وَيَصِحُّ الْإِيصَاءُ بِتَزْوِيجِ مَوْلَاتِهِ) كَبِنْتِهِ (وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً) دُونَ تِسْعٍ (وَلَهُ) أَيْ: وَصِيِّ الْأَبِ (إجْبَارُهَا) إذَا كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا دُونَ تِسْعٍ (كَالْأَبِ) لِأَنَّهُ نَائِبُهُ كَوَكِيلِهِ (وَيَأْتِي فِي بَابِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ) مُفَصَّلًا.(وَلَا يَقْضِي) الْوَصِيُّ (الدَّيْنَ إلَّا) إذَا ثَبَتَ (بِبَيِّنَةٍ) إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ وَلَا مُدَّعِي الدَّيْنِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ (غَيْرِ مَا يَأْتِي) التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ (فَأَمَّا) الْوَصِيَّةُ بِ (النَّظَرِ عَلَى وَرَثَتِهِ فِي أَمْوَالِهِمْ فَإِنْ كَانَ) الْمُوصِي (ذَا وِلَايَةٍ عَلَيْهِمْ) فِي الْمَالِ (كَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَالْمَجَانِينَ وَمَنْ لَمْ يُؤْنَسْ) أَيْ: يُعْلَمْ (رُشْدُهُ) مِنْهُمْ (فَلَهُ أَنْ يُوصِي إلَى مَنْ يَنْظُرُ فِي أَمْوَالِهِمْ بِحِفْظِهَا وَيَتَصَرَّفُ لَهُمْ فِيهَا بِمَا لَهُمْ الْحَظُّ فِيهِ) لِقِيَامِ وَصِيِّهِ مَقَامَهُ (وَمَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ) أَيْ: الْمُوصِي (عَلَيْهِمْ كَالْعُقَلَاءِ الرَّاشِدِينَ) مِنْ أَوْلَادِهِ وَغَيْرِهِمْ.(وَ) كَ (غَيْرِ أَوْلَادِهِ مِنْ الْإِخْوَةِ) مُطْلَقًا (أَوْ الْأَعْمَامِ) مُطْلَقًا وَبَنِيهِمْ وَبَنَاتِهِمْ كَذَلِكَ (وَأَوْلَادِ ابْنِهِ وَسَائِرِ مَنْ عَدَا أَوْلَادِهِ لِصُلْبِهِ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ عَلَيْهِمْ، وَلَا مِنْ الْمَرْأَةِ عَلَى أَوْلَادِهَا) إذْ لَا وِلَايَةَ لِغَيْرِ الْأَبِ كَمَا تَقَدَّمَ.(وَلَا) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (بِاسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ مَعَ بُلُوغِ الْوَارِثِ وَرُشْدِهِ وَلَوْ مَعَ غِيبَتِهِ) لِأَنَّ الْمَال انْتَقَلَ عَنْ الْمَيِّتِ إلَى وَرَثَتِهِ الَّذِينَ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِمْ فَلَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ بِاسْتِيفَائِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُونُوا وَارِثِينَ.تتمة:قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مَا أَنْفَقَهُ وَصِيٌّ مُتَبَرِّعٌ بِالْمَعْرُوفِ فِي ثُبُوتِ الْوَصِيَّةِ فَمِنْ مَالِ الْيَتِيمِ انْتَهَى وَعَلَى قِيَاسِهِ كُلُّ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لَهُ.(وَإِذَا أَوْصَى إلَيْهِ فِي شَيْءٍ لَمْ يَصِرْ وَصِيًّا فِي غَيْرِهِ) لِأَنَّهُ اسْتَفَادَ التَّصَرُّفَ بِالْإِذْنِ مِنْ جِهَتِهِ، فَكَانَ مَقْصُورًا عَلَى مَا أُذِنَ فِيهِ كَالْوَكِيلِ فَإِنْ وَصَّى إلَيْهِ فِي تَرِكَتِهِ وَأَنْ يَقُومَ مَقَامَهُ فَهَذَا وَصِيٌّ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ، يَبِيع وَيَشْتَرِي إذَا كَانَ نَظَرًا لَهُمْ، وَإِنْ خَصَّصَهَا بِشَيْءٍ لَمْ يَتَعَدَّهُ (مِثْلَ أَنْ يُوصِي إلَيْهِ بِتَفْرِيقِ ثُلُثِهِ) فَيَفْعَلُهُ (دُونَ غَيْرِهِ أَوْ) يُوصِي إلَيْهِ (بِقَضَاءِ دُيُونِهِ أَوْ بِالنَّظَرِ فِي أَمْرِ أَطْفَالِهِ) أَوْ تَزْوِيجِهِمْ فَلَا يَتَجَاوَزُهُ (وَإِنْ جَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ وَصِيًّا جَازَ) عَلَى مَا قَالَ (وَيَتَصَرَّفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِيمَا جَعَلَ) الْمُوصِي (إلَيْهِ) خَاصَّةً لِمَا تَقَدَّمَ.(وَإِذَا أَوْصَى إلَيْهِ بِتَفْرِقَةِ ثُلُثِهِ وَقَضَاءِ دَيْنِهِ، فَأَبَى الْوَرَثَةُ إخْرَاجَ ثُلُثِ مَا فِي أَيْدِيهِمْ أَوْ جَحَدُوا مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَأَبَوْا قَضَاءَ الدِّينِ أَوْ جَحَدُوهُ وَتَعَذَّرَ ثُبُوتُهُمَا قَضَى) الْوَصِيُّ (الدَّيْنَ بَاطِنًا) أَيْ: مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُ تَمَكَّنَ مِنْ إنْفَاذِ مَا وُصِّيَ إلَيْهِ بِفِعْلِهِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَجْحَدْهُ الْوَرَثَةُ، وَلِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُمْ إلَّا بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ.(وَأَخْرَجَ) الْوَصِيُّ (بَقِيَّةَ الثُّلُثِ) الْمُوصَى إلَيْهِ بِتَفْرِقَتِهِ (مِمَّا فِي يَدِهِ) لِأَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُمْ بِالثُّلُثِ مُتَعَلِّقٌ بِأَجْزَاءِ التَّرِكَةِ، وَحَقَّ الْوَرَثَةِ مُؤَخَّرٌ عَنْ الْوَصِيَّةِ وَوَفَاءِ الدَّيْنِ فَوَجَبَ تَقْدِيمُهَا، وَمَحَلُّ كَوْنِهِ يَجِبُ عَلَى الْوَصِيِّ ذَلِكَ (إنْ لَمْ يَخَفْ تَبِعَةً) أَيْ: رُجُوعَ الْوَرَثَةِ عَلَيْهِ بِمَا دَفْعَهُ فِي الدَّيْنِ أَوْ الْوَصِيَّةِ وَيُنْكِرُوهُمَا وَلَا بَيِّنَةَ بِهِمَا.فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِلْعُذْرِ (وَيَبْرَأُ مَدِينٌ بَاطِنًا بِقَضَاءِ دَيْنٍ يَعْلَمُهُ عَلَى الْمَيِّتِ) فَيَسْقُطُ عَنْ ذِمَّتِهِ بِقَدْرِ مَا يَقْضِي عَنْ الْمَيِّتِ كَمَا لَوْ دَفَعَهُ إلَى الْوَصِيِّ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَدَفَعَهُ فِي دَيْنِ الْمَيِّتِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا سِوَى تَوَسُّطِ الْوَصِيِّ بَيْنَهُمَا (وَلَوْ ظَهَرَ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ) لَمْ يَضْمَنْ الْوَصِيُّ مَا صَرَفَهُ فِي الْوَصِيَّةِ (أَوْ جَهِلَهُ) وَصِيٌّ (لَهُ فَتَصَدَّقَ) الْوَصِيُّ (بِجَمِيعِ الثُّلُثِ هُوَ أَوْ حَاكِمٌ ثُمَّ ثَبَتَ ذَلِكَ) أَيْ: الْمُوصَى لَهُ (لَمْ يَضْمَنْ) الْوَصِيُّ وَلَا الْحَاكِمُ لِرَبِّ الدَّيْنِ وَلَا لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ شَيْئًا لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِعَدَمِ الْعِلْمِ.وَفِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْتُ: بَلْ يَرْجِعُ بِهِ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ وَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: لَوْ كَانَ فِيهَا أَيْ: التَّرِكَةِ عَيْنٌ مُسْتَحَقَّةٌ فَبَاعَهَا وَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا ضَمِنَهَا لِتَعَلُّقِ حَقِّ صَاحِبِهَا بِعَيْنِهَا بِخِلَافِ الدَّيْنِ.(وَلَوْ أَقَامَ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ) مِنْ دَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ وَنَحْوِهَا (بَيِّنَةً شَهِدَتْ بِحَقِّ) عِنْدَ الْمُوصِي (لَمْ يُشْتَرَطْ الْحَاكِمُ بَلْ تَكْفِي الشَّهَادَةُ عِنْد الْوَصِيِّ) فَلَهُ قَضَاءُ الْحَقِّ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ لَهُ قَالَ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ فِي مُصَنَّفِهِ: لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ بِدُونِ حُضُورِ حَاكِمٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَجَعَلَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي جَوَازِ الدَّفْعِ لَا لُزُومِهِ، وَهُوَ الْأَلْيَقُ بِقَوْلِهِ (وَالْأَحْوَطُ) أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ (عِنْدَ الْحَاكِمِ) خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَقَطْعًا لِلتُّهْمَةِ وَلِمَدِينٍ دَفْعُ دَيْنٍ مُوصًى بِهِ لِمُعَيَّنٍ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ الْوَصِيِّ وَالْوَرَثَةِ وَلَهُ دَفْعُهُ إلَى وَصِيٍّ فِي تَنْفِيذِ وَصَايَاهُ وَيَبْرَأْ وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِ أَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ عَيْنٌ وَلَمْ يُوصِ بِقَبْضِهَا فَأَبَى وَارِثٌ وَوَصِيٌّ مَعًا وَإِنْ صَرَفَ أَجْنَبِيٌّ الْمُوصَى بِهِ لِمُعَيَّنٍ فِي جِهَتِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ.وَإِنْ وَصَّى بِإِعْطَاءِ مُدَّعٍ عَيْنَهُ دَيْنًا بِيَمِينِهِ نَفَّذَهُ الْوَصِيُّ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ بِبَيِّنَةٍ وَنَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَنَقَلَ عَقِيلٌ مَعَ صِدْقِ الْمُدَّعِي ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ.(وَتَصِحُّ وَصِيَّةُ كَافِرٍ إلَى مُسْلِمٍ إنْ لَمْ تَكُنْ تَرِكَتُهُ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا وَنَحْوَهُمَا) كَالسِّرْجِينِ النَّجِسِ فَإِنْ كَانَتْ تَرِكَتُهُ كَذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ إلَى مُسْلِمٍ بِالنَّظَرِ فِيهَا لِعَدَمِ إمْكَانِهِ.وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ أَيْضًا مِنْ كَافِرٍ (إلَى مَنْ) أَيْ: كَافِرٍ إنْ (كَانَ عَدْلًا فِي دِينِهِ) لِأَنَّهُ يَلِي عَلَى غَيْرِهِ بِالنَّسَبِ فَيَلِي بِالْوَصِيَّةِ كَالْمُسْلِمِ.(وَإِذَا قَالَ) الْمُوصِي لِلْوَصِيِّ (ضَعْ ثُلُثِي حَيْثُ شِئْتَ أَوْ أَعْطِ لِمَنْ شِئْتَ) أَوْ تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى مَنْ شِئْتَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَيْ: الْوَصِيِّ (أَخْذُهُ) أَيْ: الثُّلُثِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ تَمْلِيكُ مِلْكِهِ بِالْإِذْنِ فَلَا يَكُونُ قَابِلًا لَهُ كَالْوَكِيلِ وَقِيلَ: يَعْمَلُ بِالْقَرِينَةِ.(وَلَا) يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَيْضًا (دَفْعُهُ) أَيْ: الثُّلُثِ (إلَى أَقَارِبهِ) أَيْ: الْوَصِيِّ (الْوَارِثِينَ) لَهُ (وَلَوْ كَانُوا فُقَرَاءَ) لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي حَقِّهِمْ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَالْمَذْهَبُ جَوَازُ الدَّفْع إلَى الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ وَنَحْوِهِمْ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لِانْدِرَاجِهِ تَحْتَ اللَّفْظِ وَالتُّهْمَةُ لَا أَثَرَ لَهَا فَإِنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ تُسْتَعْمَلُ فِي الرِّضَا بِصَرْفِ الْوَصِيِّ إلَى مَنْ يَخْتَارَهُ كَيْفَ كَانَ.(وَلَا) يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَيْضًا دَفْعُ الثُّلُثِ (إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي) أَغْنِيَاءَ كَانُوا أَوْ فُقَرَاءَ لِأَنَّ الْوَصِيَّ نَائِبُ الْمَيِّتِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ الدَّفْعُ إلَى مَنْ لَا يَدْفَعُ الْمُسْتَنِيبَ إلَيْهِ وَإِنْ قَالَ: اصْنَعْ فِي مَالِي مَا شِئْتَ أَوْ هُوَ بِحُكْمِك افْعَلْ فِيهِ مَا شِئْتَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ أَلْفَاظِ الْإِبَاحَةِ لَا الْأَمْرِ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: أَفْتَيْتُ أَنَّ هَذَا الْوَصِيَّ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ ثُلُثَهُ وَلَهُ أَنْ لَا يُخْرِجَهُ فَلَا يَكُونُ الْإِخْرَاجُ وَاجِبًا وَلَا حَرَامًا، بَلْ مَوْقُوفًا عَلَى اخْتِيَارِ الْوَصِيِّ.(وَمَنْ أُوصِيَ إلَيْهِ بِحَفْرِ بِئْرٍ بِطَرِيقِ مَكَّةَ، أَوْ) بِحَفْرِ بِئْرٍ (فِي السَّبِيلِ فَقَالَ: لَا أَقْدِرُ فَقَالَ الْمُوصِي: افْعَلْ مَا تَرَى لَمْ يَجُزْ) لِلْوَصِيِّ (حَفْرُهَا بِدَارِ قَوْمٍ لَا بِئْرَ لَهُمْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَخْصِيصِهِمْ) نَقَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْوَصِيَّةِ حَفْرُهَا بِمَوْضِعٍ يُعَمَّمُ نَفْعُهُ.(وَلَوْ أَمَرَهُ بِبِنَاءِ مَسْجِدٍ فَلَمْ يَجِدْ) الْوَصِيُّ (عَرْصَةً) أَيْ: أَرْضًا يَبْنِيهَا مَسْجِدًا (لَمْ يَجُزْ شِرَاءُ عَرْصَةٍ يَزِيدُهَا فِي مَسْجِدٍ صَغِيرٍ) نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِعْلًا لِمَا أُمِرَ بِهِ.(وَلَوْ قَالَ) الْمُوصِي: (يُدْفَعُ هَذَا إلَى يَتَامَى بَنِي فُلَانٍ فَإِقْرَارٌ بِقَرِينَةٍ وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ قَرِينَةً فَهُوَ وَصِيَّةٌ لَهُمْ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.(وَإِنْ دَعَتْ حَاجَةٌ إلَى بَيْعِ بَعْضِ الْعَقَارِ) الْمُخَلَّفِ عَنْ الْمَيِّتِ (لِقَضَاءِ دَيْنٍ) عَنْ الْمَيِّتِ (مُسْتَغْرِقٍ) مَالَهُ غَيْرَ الْعَقَارِ، وَاحْتَاجَ إلَى تَتِمَّةٍ مِنْ الْعَقَارِ (أَوْ) دَعَتْ الْحَاجَةُ لِبَيْعِ بَعْضِ الْعَقَارِ (لِحَاجَةِ صِغَارٍ وَفِي بَيْعِ بَعْضِهِ ضَرَرٌ مِثْلَ أَنْ يَنْقُصَ الثَّمَنُ عَلَى الصِّغَارِ بَاعَ الْوَصِيُّ) الْعَقَارَ كُلَّهُ (عَلَى الصِّغَارِ، وَعَلَى الْكِبَارِ إنْ أَبَوْا) أَيْ الْكِبَارُ (الْبَيْعَ أَوْ كَانُوا غَائِبِينَ) لِأَنَّ الْوَصِيَّ قَائِمٌ مَقَامَ الْأَبِ، وَلِلْأَبِ بَيْعُ الْكُلِّ فَالْوَصِيُّ كَذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ وَصِيٌّ يَمْلِكُ بَيْعَ الْبَعْضِ فَمَلَكَ بَيْعَ الْكُلِّ، كَمَا لَوْ كَانَ الْكُلُّ صِغَارًا، أَوْ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا، وَلِأَنَّ الدَّيْنَ مُتَعَلِّقٌ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ، وَلِهَذَا لَوْ تَلَفَ بَعْضُهَا وَفَّى مِنْ الْبَاقِي.(وَإِنْ كَانَ شَرِيكُهُمْ) أَيْ الصِّغَارِ (غَيْرَ وَارِثٍ لَمْ يَبِعْ) الْوَصِيُّ (عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْوَصِيَّ فَرْعُ الْمَيِّتِ وَهُوَ لَا يَبِيعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَنَائِبُهُ أَوْلَى (وَلَوْ كَانَ الْكُلُّ) مِنْ الْوَرَثَةِ (كِبَارًا) رَشِيدِينَ (وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ وَصِيَّةٌ تَسْتَغْرِقُ بَاعَهُ الْمُوصَى إلَيْهِ إذَا أَبَوْا بَيْعَهُ) أَوْ غَابُوا.(وَكَذَا لَوْ امْتَنَعَ الْبَعْضُ) أَوْ غَابَ بَاعَ الْوَصِيُّ عَلَى الْكُلِّ لِمَا تَقَدَّمَ وَكَذَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَوْ الْوَصِيَّةُ لَا يَسْتَغْرِقُ الْعَقَارَ لَكِنْ فِي بَيْعِ بَعْضِهِ ضَرَرٌ فَلَهُ بَيْعُ الْكُلِّ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ نَائِبُ الْمُوصِي وَأَنَّهُ يَمْلِكُ بَيْعَ الْبَعْضِ فَمَلَكَ بَيْعَ الْكُلِّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ (وَالْحُكْمُ) الْمَذْكُورُ مِنْ جَوَازِ الْبَيْعِ عَلَى الْكِبَارِ إذَا أَبَوْا أَوْ غَابُوا وَكَانَ فِي بَيْعِ الْبَعْضِ ضَرَرٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (لَا يَتَقَيَّدُ بِالْعَقَارِ بَلْ يَثْبُتُ فِيمَا عَدَاهُ إلَّا الْفُرُوجَ) احْتِيَاطًا لَهَا (نُصَّ عَلَيْهِ) قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ بُخْتَانَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْوَصِيِّ يَبِيعُ عَلَى الْبَالِغِ الْغَائِبِ فَقَالَ إنَّمَا الْوَصِيُّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ إذَا كَانَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَإِنْ كَانَ فَرْجٌ قَالَ مَا أُحِبُّ أَنْ يَبِيعَهُ وَإِنَّمَا خَصَّ الْعَقَارَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ إبْقَاءَهُ أَحَظُّ لِلْيَتِيمِ فَثُبُوتُ الْحُكْمِ فِيهِ مُنَبِّهٌ عَلَى الثُّبُوتِ فِيمَا دُونَهُ فِي ذَلِكَ.(قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَإِنْ مَاتَ إنْسَانٌ لَا وَصِيَّ لَهُ) بِأَنْ لَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْمُوصَى إلَيْهِ.(وَلَا حَاكِمَ بِبَلَدِهِ) الَّذِي مَاتَ فِيهِ (أَوْ مَاتَ) إنْسَانٌ (بِبَرِيَّةٍ) بِفَتْحِ الْبَاء أَيْ صَحْرَاءَ (وَنَحْوِهَا) كَجَزِيرَةٍ لَا عُمْرَانَ بِهَا (جَازَ لِمُسْلِمٍ مِمَّنْ حَضَرَهُ أَنْ يَحُوزَ تَرِكَتَهُ وَ) أَنْ (يَتَوَلَّى أَمْرَهُ) أَيْ تَجْهِيزَهُ عَلَى مَا يَأْتِي (وَيَفْعَلُ الْأَصْلَحَ فِيهَا) أَيْ التَّرِكَةِ (مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ) كَحِفْظِهَا، وَحَمْلِهَا لِلْوَرَثَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ لِحِفْظِ مَالِ الْمُسْلِمِ عَلَيْهِ، إذْ فِي تَرْكِهِ إتْلَافٌ لَهُ.(وَلَوْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ إمَاءٌ) أَيْ فَلَهُ بَيْعُهَا، لِأَنَّهُ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ (وَقَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَتَوَلَّى بَيْعَهُنَّ) أَيْ الْإِمَاءِ (حَاكِمٌ) قَالَهُ فِي الشَّرْحِ.وَإِنَّمَا تُوُقِّفَ عَنْ بَيْعِهِنَّ عَلَى طَرِيقِ الِاخْتِيَارِ احْتِيَاطًا، لِأَنَّ بَيْعَهُنَّ يَتَضَمَّنُ إبَاحَةَ فَرْجِهِنَّ انْتَهَى وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْقَاضِي (وَيُكَفِّنُهُ) أَيْ الْمُسْلِمُ الَّذِي حَضَرَهُ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ تَرِكَتِهِ (إنْ كَانَتْ) تَرِكَتُهُ وَأَمْكَنَ تَكْفِينُهُ مِنْهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ، أَوْ كَانَتْ وَلَمْ يُمْكِنْ تَجْهِيزُهُ مِنْهَا (ف) إنَّهُ يُجَهِّزُهُ (مِنْ عِنْدِهِ وَيَرْجِعُ) بِمَا جَهَّزَهُ بِالْمَعْرُوفِ (عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى تَرِكَتِهِ حَيْثُ كَانَتْ (أَوْ) يَرْجِعُ بِهِ (عَلَى مَنْ يَلْزَمُهُ كَفَنُهُ) إنْ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ (إنْ نَوَاهُ) أَيْ الرُّجُوعَ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً اسْتَأْذَنَ حَاكِمًا أَوْ لَا أَشْهَدَ عَلَى نِيَّةِ الرُّجُوعِ أَوْ لَا أَوْ (اسْتَأْذَنَ حَاكِمًا) فِي تَجْهِيزِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى تَرِكَتِهِ أَوْ عَلَى مَنْ يَلْزَمُهُ كَفَنُهُ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرْجِعْ إذَنْ لَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنْ فِعْلِهِ مَعَ حَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهِ (مَا لَمْ يَنْوِ التَّبَرُّعَ) فَإِنْ نَوَاهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ.وَكَذَا لَوْ لَمْ يَنْوِ تَبَرُّعًا وَلَا رُجُوعًا فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى مُقْتَضَى قَوْلِهِ إنْ نَرَاهُ وَهُوَ قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِيمَنْ قَامَ عَنْ غَيْرِهِ بِدَيْنٍ وَاجِبٍ.تَنْبِيهٌ:قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ عَلَى مَنْ يَلْزَمُهُ كَفَنُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْمُنْتَهَى يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إذْ الزَّوْجُ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ زَوْجَتهِ وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَنُهَا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى أَبِيهَا أَوْ نَحْوِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمْ.
|